سورة المرسلات - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المرسلات)


        


{وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا} يعني الرياح أرسلت متتابعة كعرف الفرس. وقيل: عرفًا أي كثيرًا تقول العرب: الناس إلى فلان عرف واحد، إذا توجهوا إليه فأكثروا، هذا معنى قول مجاهد وقتادة. وقال مقاتل: يعني الملائكة التي أرسلت بالمعروف من أمر الله ونهيه، وهي رواية مسروق عن ابن مسعود. {فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا} يعني الرياح الشديدة الهبوب. {وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا} يعني الرياح اللينة. وقال الحسن: هي الرياح التي يرسلها الله بشرًا بين يدي رحمته. وقيل: هي الرياح التي تنشر السحاب وتأتي بالمطر. وقال مقاتل: هم الملائكة ينشرون الكتب. {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا} قال ابن عباس، ومجاهد، والضحاك: يعني الملائكة تأتي بما يفرق بين الحق والباطل. وقال قتادة والحسن: هي آي القرآن تفرق بين الحلال والحرام. وروي عن مجاهد قال: هي الرياح تفرق السحاب وتبدِّده.


{فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} يعني الملائكة تلقي الذكر إلى الأنبياء، نظيرها: {يلقي الروح من أمره} [غافر- 15]. {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} أي للإعذار والإنذار، وقرأ الحسن {عُذُرًا} بضم الذال واختلف فيه عن أبي بكر عن عاصم، وقراءة العامة بسكونها، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص {عذرًا أو نذرًا} ساكنة الذال فيهما، وقرأ الباقون بضمها، ومن سكَّن قال: لأنهما في موضع مصدرين بمعنى الإنذار والإعذار، وليسا بجمع فينقلا وقال ابن كثير ونافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم ويعقوب برواية رويس بن حسان: {عذْرًا} سكون الذال و{نُذُرًا} بضم الذال، وقرأ روح بالضم في العذر والنذر جميعًا، وهي قراءة الحسن، والوجه فيهما أن العذر والنذر بضمتين كالأذُن والعُنِق هو الأصل ويجوز التخفيف فيهما كما يجوز التخفيف في العنق والأذن، يقال: عذْر ونذْر، وعذُر ونذُر، كما يقال: عُنْق وعُنُق، وأُذْن وأُذُن، والعذر والنذر مصدران بمعنى الإعذار والإنذار كالنكير والعذير والنذير، ويجوز أن يكونا جمعين لعذير ونذير، ويجوز أن يكون العذر جمع عاذر، كشارف وشُرُف، والمعنى في التحريك والتسكين واحد على ما بينا إلى هاهنا أقسام ذكرها على قوله: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ} {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ} من أمر الساعة والبعث {لَوَاقِع} لكائن ثم ذكر متى يقع. فقال: {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ} محي نورها. {وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ} شقت. {وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ} قلعت من أماكنها.


{وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} قرأ أهل البصرة {وقتت} بالواو، وقرأ أبو جعفر بالواو وتخفيف القاف، وقرأ الآخرون بالألف وتشديد القاف، وهما لغتان. والعرب تعاقبت بين الواو والهمزة كقولهم: وكَّدت وأكدت، ورَّخت وأرخت، ومعناهما: جمعت لميقات يوم معلوم، وهو يوم القيامة ليشهدوا على الأمم. {لأيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ} أي أخرت، وضرب الأجل لجمعهم فعجَّب العباد من ذلك اليوم، ثم بيَّن فقال: {لِيَوْمِ الْفَصْلِ} قال ابن عباس رضي الله عنهما: يوم يفصل الرحمن عز وجل بين الخلائق. {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَومُ الفَصْلِ وَيْلٌ يَومَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ أَلَمْ نُهْلِكِ الأوَّلِينَ} يعني الأمم الماضية بالعذاب، في الدنيا حين كذبوا رسلهم. {ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ} السالكين سبيلهم في الكفر والتكذيب يعني كفار مكة بتكذيبهم محمد صلى الله عليه وسلم. {كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} يعني النطفة. {فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} يعني الرحم. {إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ} وهو وقت الولادة. {فَقَدَرْنَا} قرأ أهل المدينة والكسائي: {فقدَّرنا} بالتشديد من التقدير، وقرأ الآخرون بالتخفيف من القدرة، لقوله: {فنعم القادرون} وقيل: معناهما واحد، وقوله: {فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} أي المقدّرون. {وَيْلٌ يَومَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفَاتًا} وعاءً، ومعنى الكَفْت: الضم والجمع، يقال: كفت الشيء: إذا ضمه وجمعه وقال الفَّراء: يريد تكفتهم أحياء على ظهرها في دورهم ومنازلهم، وتكفتهم أمواتًا في بطنها، أي: تحوزهم.

1 | 2